من هو ابن العرندس
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (81) بيتاً:
لم أنسـه فـــي (كـــربلا) مُـتــــلظيــاً في الكـربِ لا يلقي لمـــــــاءٍ موردا
والمقنـبُ الأمـويُّ حــــولَ خبائهِ النـ ـبويِّ قـد ملأ الفــــــــــــــــدافدَ فدفدا
عصبٌ عصتْ غصَّتْ بخيلهمُ الفضا غصبتْ حـقوقَ بني الوصيِّ وأحمدا
ومنها:
قُتـل الحسيــــــنُ بـ (كربلا) يا ليته لاقى النجاةَ بها وكنتُ له الفدا
فـإذا تطـــــــــوَّق ذاكَ دمعي أحمرٌ قـانٍ مسحـتُ بـــه يديَّ تورَّدا
ولبستُ فوق بياضِ عنقي من أسى طوقاً بســينِ سوادِ قلبي أسودا
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (105) أبيات:
أيُقتَلُ ظمــــــــآناً حسينٌ بـ (كـربلا) وفي كلِّ عُضوٍ مِن أناملِهِ بحرُ؟
ووالدُهُ الساقي على الحوضِ في غدٍ وفاطـــــــمةٌ ماءُ الفراتِ لها مَهرُ
فوالهفِ نفسي للحســــــينِ وما جنى عليهِ غداةَ الطفِّ في حربهِ الشمرُ
ومنها:
فلما التقى الجمعانِ في أرضِ (كربلا) تباعــــــدَ فعـــلُ الخيرِ واقتربَ الشرُّ
فحاطوا به في عشرِ شهــــــــرِ محرَّمٍ وبيضُ المواضي في الأكفِّ لها شمرُ
فقامَ الفتى لمّا تشــــــــــــاجـــرتِ القنا وصـــــالَ وقــــد أودى بمهجِتهِ الحرُّ
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (131) بيتاً:
وجرتْ سحائبُ عبرتي في وجنتي كدمِ الحسينِ على أراضي (كربلا)
الصائمُ القوَّامُ والمتصــــــــــدِّقُ الـ ـطعَّامُ أفرسَ من على فـرسٍ عــلا
رجلٌ بصيوانِ الغمـــــامـةِ جـدُّه الـ ـمخـتارُ في حـــــرِّ الحجيرِ تـظلّلا
الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس المعروف بـ(ابن العرندس الحلي) من أعلام الشيعة في الفقه والأدب ولد في الحلة، في القرن الثامن الهجري، وكانت الحلة آنذاك من أهم المدن العلمية الشيعية فنشأ ابن العرندس في ظل أجوائها العلمية والأدبية ودرس في حلقاتها الدينية وقد ذكرت المصادر في ترجمته إلى أنه ألّف كتباً في الفقه والأصول ولكن لم تشر إلى أي من كتبه سوى كتاب كشف اللآلئ الذي قال بعض من ترجم له أنه عنوان ديوانه الذي انحصر في مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام).
ولم تشر المصادر إلى تاريخ أسرته سوى لقبه بـ(ابن العرندس) والعرندس هو من أسماء الأسد، كما لم تشر إلى سنة ولادته بالتحديد، ومصادر دراسته، وأساتذته، وبواكير تعليمه، أما تاريخ وفاته فقد ذكره السماوي فقال: توفي حدود الثمانمائة وأربعين تقريبا بالحلة، ودفن فيها، وله قبر يزار ويتبرك به، رحمه الله
قالوا فيه:
قال فيه السيد جواد شبر: (كان عالماً ناسكاً أديباً بارعاً متظلعاً في علمي الفقه والأصول وغيرهما مصنفاً فيها، له كتاب كشف اللآلي وكان ممن نظم فأجاد وقصر شعره على رثاء أهل البيت).
وقال الشيخ عبد الحسين الأميني: (أحد أعلام الشيعة ومن مؤلفي علمائها في الفقه والأصول، وله مدائح ومراثي لأئمة أهل البيت عليهم السلام تنم عن تفانيه في ولائهم ومناوئته لأعدائهم، ذكر شطراً منها شيخنا الطريحي في المنتخب، وجملة منها مبثوثة في المجاميع والموسوعات، وعقد له العلامة السماوي في الطليعة ترجمة أطراه فيها بالعلم والفضل والتقى والنسك والمشاركة في العلوم. وأشفع ذلك الخطيب الفاضل اليعقوبي في البابليات وأثنى عليه ثناء جميلا، وذكر في الطليعة أنه توفي حدود 840 بالحلة الفيحاء ودفن فيها وله قبر يزار ويُتبرَّك به
ثم يقول الأميني عن شعره: كان ابن العرندس يحاول في شعره كثيراً الجناس على نمط الشيخ علاء الدين الشفهيني وتعلوه القوة والمتانة، ويعرب عن تضلُّعه من العربية واللغة، ولولا تهالكه على ما تجده في شعره من الجناس الكثير لكان ما ينظمه أبلغ وأبرع مما هو الآن).
وقال السيّد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً، مشاركاً في العلوم، تقياً ناسكاً أديباً شاعراً).
وقال السيد هادي كمال الدين: (من أعلام الشيعة في الفقه والأصول، وهو في مضامير الشعر فحل من الفحول، وجهبذ من جهابذة الأدب، ومفخرة من مفاخر العرب ... فهو أوحد عصره ومفخرة مصره أدباً ونُسكاً وعلماً)
وقال السماوي: (كان عالماً فاضلاً مشاركاً في العلوم، تقياً ناسكاً، لم أعثر له إلا على مدائح ومراثي للأئمة الأطهار عليهم السلام، وله قصيدة رائية يقال أنها لم تقرأ في مجلس إلا وحضره الغائب عليه السلام، أذكر هذا عن سماع وكتابة في جملة من الكتب المجموعة في أحوال أهل البيت، فإذن هي الجديرة بالذكر)
يقع قبره بـ (شارع المفتي) في محلة (جبران) في الحلة وهو مشيد وعليه قبة بيضاء وقد كتب عليه (صالح بن عبد الوهاب المعروف بـ (ابن العرندس) من بكر بن كلاب
قال الشيخ محمد حرز الدين: (مرقده في الحلة السيفية في حجرة صغيرة عليه قبة مثلها، وقفنا على قبره لقراءة الفاتحة مع جماعة من الحليين الأماجد في العهد العثماني بالعراق
قال ابن العرندس في قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (50) بيتاً:
لمصـــابِكم تتـــــــــــــزلزلُ الأطوادُ ولشرحِه تتفتَّــــــــــتُ الأكبادُ
لا تـــنكروا قــلقَ المحـــــــــبِّ وإنَّما زفراتُه مِــــــن بعدِكــم تزدادُ
غبتمْ عـــن الدنيــــــــا فبانَ شرورُها بـادِ الــــــرياحِ ولا لــه مقلادُ
كلُّ الـــرزايــا بعد حيـــــــــنِ حلولِها تُنـسى ورزؤكمُ الــجليلُ يعادُ
قلْ للـــسمـــــــاواتِ الشدادِ تـــفطّري فلِذا المصابِ تُفجَّـرُ الأصلادُ
لهفـــي على السبطِ الشـــهيدِ مضرَّجاً بدمـــائهِ ما حوله عُــــــــوَّادُ
لهفـــي على الخدِّ التريبِ على الثرى مـا تحتـــــه إلّا الترابُ وسادُ
لهفـــي على الشيبِ الخضيــبِ مُعفَّراً قد حُكِّمتْ في نحرِهِ الأضدادُ
لهفـــي على الجســــمِ السليبِ وهمْ له بسهــامِهم دونَ الورى قُصَّادُ
أوليـــسَ غُبناً أن ولـــــــــــــــدَ سميةٍ يســــطو، وأولادُ النـــبيِّ تُبادُ
هـــيَ هذهِ الدنيــــا الدنيّةُ أصبـــــحتْ تعنو لذلِّ كلابِـــــها الأســـيادُ
فـــي أيِّ دينٍ تُستبــــــــــاحُ دماءُ مَن لولاهمُ مـــــــــا حُققَّ الإرشادُ
وبأيِّ شرعٍ بعد فقدِ أبيــــــــــــــــــهمُ تُسبــى النساءُ وتؤسَرُ الأولادُ
وبأيِّ جرمٍ طفـــــــــــــــله في حجرِهِ يُرمى بســهمٍ صــــائبٍ ويُكادُ
وبأيِّ ذنبٍ أصبحـــــــــــتْ نوقُ الفلا بالراكعـــاتِ الساجـــداتِ تُقادُ
يا صاحبَ الديـــنِ القــويـمِ وخيرَ مَن نطقتْ بمدحتِــــه الجليلةِ ضادُ
لو عاينتْ عـــيناكَ أهلــــــكَ في الفلا لا المـــاءُ عندهمُ ولا الأزوادُ
ورجالهـــمْ صرعـــــى بأطرافِ القنا فــــي جمعهمْ قد قـلّتِ الأعدادُ
متفــــــــــرِّديـــــنَ بمهمهٍ نأيَ المدى عقبـــــانُها للحـــــــومِهمْ ورَّادُ
وعـــلى علي السجـــــــادِ ملقىً بينهمْ حُلـقُ السهامِ ضنىً وليسَ يُعادُ
قـــد بادَ عنه أهلُه وصــــــحــــــــابُه ويداهُ قد نِيــــطتْ بها الأصفادُ
لرأيتَ أمراً هائــلاً مُــــستصـــــــعباً فظننـــتَ أنْ قد قامـتِ الأشهادُ
تَسقي الكــــلابُ مـــن الفراتِ غليلَها وسلالةُ المجدِ النـبيـــــــلِ تُذادُ
تاللهِ ما هذا لأجــــــــــــــــــــلِ ولايةٍ يبغونها لكنـــــــــــــها الأحقادُ
يا نكبةً خضـــعتْ لها الأقطــابُ والـ ـسّـــياحُ والأبــــــدالُ والأوتادُ
ورزيَّةً مـــنها تـــــــــــــــــــــأوَّه آدمٌ والخــــلقُ ذرٌّ صـامتٌ وجمادُ
وفجيـــــــعةً لم تُنسِها الســاعاتُ والـ ـأيامُ والأعــوامُ والآبــــــــــادُ
وقطيـــعةٌ بكتِ السمـــــــاواتُ العُلى منها وضـــجَّتْ أبـــحرٌ وبـلادُ
وعـــظيـــــــمةٌ ديــــــنُ الإلهِ لأجلِها يهوي القوى وعمــــودُها ميَّادُ
فالمِلّةُ الزهـراءُ بعدَ نـــــــحوضِـــهم أثوابُــــها بعدَ الـــــرياشِ حِدادُ
يبكيهمُ التسبيـــــــــحُ والتحـــميدُ والـ ـتمجيدُ والأذكـــــــارُ والأورادُ
تبكيهمُ الصــــلوَاتُ والخلـــوَاتُ والـ ـفلوَاتُ والزهَّـــــــــــادُ والعبَّادُ
تبكيـــهمُ الأملاكُ والأفــــــــلاكُ والـ أمــــــلاكُ والقُــــرَبَاءُ والأبعادُ
تبكيــــهمُ الآثارُ والآبـــــــــــــادُ والـ ـصـدقاتُ والشفقــــاتُ والإرقادُ
تبكيهمُ الآناءُ والســــــــــــاعاتُ والـ ـلحظاتُ والأزواجُ والأفــــرادُ
تبكيهمُ الأطيـــــــــــارُ فـــي وكناتِها فتميـلُ في أغـــصـانِها الأعوادُ
تبكيهمُ عـــزُّ المواســـــــــــمِ حسرةً تبكيهــمُ الجمعــــاتُ والأعيـــادُ
يا مَنْ بجاهِهمُ الظـــــــــليلِ وعزِّهمْ لذوي المـــراتبِ في البدا أسيادُ
فلهمْ على السبعِ الطرائـقِ مـــنصبٌ عالي البنـــــاءِ إلى العليِّ عمادُ
وحيــــــــــــاضُ برِّهمُ لكـــلِّ مؤمَّلٍ يُروى بــــــــها الروَّادُ والورَّادُ
إن أوعدوا صفحوا عن الجاني وإن وعدوا بخيــــــــرٍ أنجِزَ الميعادُ
تضــــعُ الملوكُ جباهَهم في أرضهِمْ ولــــــــزُهدهِمْ تتــــأدَّبُ الزُّهَّادُ
إن كان غيـري ناســــــــياً لمصابِكمْ فالحـــــزنُ في قلبي لـــه تردادُ
تاللهِ أقسمُ لا تعـــــــــــــــــدّى دينكمْ إلا زنيمٌ ديــــــــــــــــنُه الإلحادُ
أنتمْ رجائي في المعـــــادِ ومقصدي يومٌ تُشقَّـــــــقُ عنيَ الألــــــحادُ
فيكمْ أقولُ وعـنكمُ أروي ومِــــــــن أخبــــــــارِكمْ يحــلو ليَ الإيرادُ
تروي الرواةُ حديثَــــــــــكمْ فيلذّ لي ويهيـــجُ قلبــــــــي ذلكَ الإنشادُ
إن فاتني فيكمْ جهــــــــــادي بالظبَا فنظامُ مدحِــــــــــــكمُ لديَّ جِهادُ
كلُّ المدائحِ في سواكـــــــــمْ مُرهجٌ وبمدحِـــكم تتفاخـــــــــــرُ النُّقَّادُ
صلّى الإلهُ عليـكــــــــــمُ ما نسَّمتْ ريحٌ وحرَّكَ دوحَـــــــــها الميَّادُ (13)
وقال في قصيدته الدالية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (81) بيتاً:
وفجعـتَ قلبي بالتـــــــفــرُّقِ مثـلــــما فجعــــــتْ أميَّةُ بالحســــــــــينِ محمدا
سبطُ النبيِّ المصطفى الهادي الــــذي أهـدى الأنــــــــامَ من الضلالِ وأرشدا.
الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس المعروف بـ(ابن العرندس الحلي) من أعلام الشيعة في الفقه والأدب ولد في الحلة، في القرن الثامن الهجري، وكانت الحلة آنذاك من أهم المدن العلمية الشيعية فنشأ ابن العرندس في ظل أجوائها العلمية والأدبية ودرس في حلقاتها الدينية وقد ذكرت المصادر في ترجمته إلى أنه ألّف كتباً في الفقه والأصول
تم إنشاء هذه القصيدة في رثاء الإمام الحسين (ع) وأصحابه مع بيان مناقب أهل البيت (ع).[١] وحسب ما قاله بعض الباحثين إنّ الشاعر استخدم في هذه القصيدة التي تبلغ عدد أبياتها 103 بيتٍ، الكثير من المحسنات اللفظية والمعنوية مع الصناعات الأدبية والبلاغية، وأظهر عواطفه بشكل جيد.[٢] ويرى البعض أنّ أُلفة الشاعر مع القرآن أدّت إلى أن يستخدم من آيات القرآن ليعبّر عن مقصوده بشكل جيد.[٣]
ويشتهر بين عوام الشيعة أنّه يحضر الإمام المهدي (عج) في جلسة تُقرأ فيها هذه القصيدة.[٤] ولأجل ذلك قد اهتمّ بعض مجالس عزاء الإمام الحسين (ع) بقراءة هذه القصيدة.[٥] كما نُقل عن عبد الزهراء الكعبي أنه في أثناء قراءة الشعر رأى سيدا غير معروف وهو يبكي بشدة ولم يعد يراه بعد نهاية الجلسة.[٦]
نص القصيدة الرائية لابن العرندس الحلّي:[١٨]
طَوايا نِظامي في الزَّمانِ لها نَشرُ يُعطِّرُها مِنْ طيبِ ذِكراكُمُ نَشرُ
قصائدُ ما خابَتْ لهُنَّ مقاصِدٌ بواطِنُها حَمدٌ ظواهِرُها شُكرُ
مطالعُها تَحكي النُّجومَ طوالِعاً فأخلاقُها زَهرٌ وأنوارُها زُهرُ
عرائِسُ تُجلى حينَ تَجلِي قلوبَنا أكاليلُها دُرٌّ وتيجانُها تِبرُ
حِسانٌ لها حَسّانُ بالفضلِ شاهدٌ على وجهِها بِشرٌ يُزانُ بهِ البِشرُ
أُنظِّمُها نظمَ اللَّئالِي وأسهرُ الـ لَّيالي ليحيى لي، بها وبِكُمْ ذِكرُ
فيا ساكني أرضِ الطُّفوفِ عليكُمُ سلامُ مُحِبٍ ما لَهُ عنكُمُ صَبرُ
نشرتُ دواوينَ الثَّنا بعدَ طَيِّها وفي كلِّ طِرسٍ مِن مديحي لكُمْ سَطرُ
فطابق شِعري فيكُمُ دمعَ ناظري فسرُّ غرامي شائعٌ فيكمُ جهرُ
لآلي نظامي في عقيقِ مدامـعي فمُبيضُ ذا نظمٌ ومُحمرُ ذا نثرُ
فلا تتهِموني بالسُّلوِّ فإنَّما مواعيدُ سُلواني وحقِّكُمُ الحشرُ
فذُلِّي بكُمْ عِزٌ وفَقري بكُمْ غِنىً وعُسري بكُمْ يُسرٌ وكَسري بكُمْ جَبرُ
تَروقُ بروقُ السُّحبِ لي مِن ديارِكم فينهَلُّ مِن دمعي لبارقِها القَطرُ
أفعينايَ كالخَنساءَ تجري دموعُها وقلبي شديدٌ في محبتِكُمْ صخرُ
وقفتُ على الدّارِ التي كُنتُمُ بها فمغْناكُمُ مِن بعدِ معناكُمُ قَفرُ
وقد دُرِسَتْ منها العلوم وطالما بها دُرِّسَ العِلمُ الإلاهِيُّ والذِّكرُ
فَراقَ فِراقُ الروحِ لي بعدَ بُعدِكُمْ ودارَ برسمِ الدارِ في خاطِري الفِكرُ
وسالتْ عليها مِن دُموعي سحائِبٌ إلى أنْ تَرَوّى البانُ بالدمعِ والسِّدرُ
وقد أقلعتْ عنها السحائِبُ، لم تَجُدْ ولا دَرَّ مِن بعدِ الحسينِ لها دَرُّ
إمامُ الهُدى سِبطُ النُّبوةِ والدُ الـ أئمةِ ربُّ النُّهى مولىً لهُ الأمرُ
إمامٌ أبوهُ المُرتضى عَلَمُ الهُدى وصيُّ رسولِ اللهِ والصِّنوُ والصِّهرُ
إمامٌ بكتْهُ الإنسُ والجِنُّ والسَّما ووحشُ الفَلا والطيرُ والبَرُّ والبحرُ
لهُ القُبةُ البيضاءُ بالطَّفِّ لم تزلْ تطوفُ بها طوعاً ملائكةٌ غُرُّ
وفيهِ رسولُ اللهِ قالَ وقولُهُ صريحٌ صحيحٌ، ليس في ذلكُمْ نُكرُ
حُبِي بثَلاثٍ ما أحاطَ بمِثلِها وَلِيٌّ فمَنْ زيدٌ سِواهُ ومَنْ عَمرو؟
له تربةٌ فيها الشِّفاءُ، وقُبَّةٌ يُجابُ بها الداعي إذا مَسَّهُ الضُّرُ
وذريَّةٌ دُرِّيَّةٌ مِنهُ تِسعةٌ أئِمَّةُ صِدقٍ لا ثَمانٍ ولا عَشرُ
أيُقتَلُ ظمآناً حسينٌ بكربلا وفي كلِّ عُضوٍ مِن أناملِهِ بحرُ؟
ووالدُهُ الساقي على الحوضِ في غدٍ وفاطمةٌ ماءُ الفراتِ لها مَهرُ
فوالهفِ نفسي للحسينِ وما جنى عليهِ غداةَ الطفِّ في حربهِ الشمرُ
رماهُ بجيشٍ كالظلامِ قسيُّه الـ أهلةُ والخرصانُ أنجمُه الزهرُ
تجمَّعَ فيها من طغاةِ أميَّةٍ عصابةُ غـدرٍ لا يقومُ لها عذرُ
وأرسلها الطاغي يزيدُ ليملكَ الـ عراقَ وما أغـنته شآمٌ ولا مصرُ
وشدَّ لهم أزراً سليـلُ زيادِها فحلَّ به مِن شدِّ أزرِهمُ الوزرُ
وأمَّرَ فـــيهمْ نجلَ ســعدٍ لنحسِه فما طالَ فـي الريِّ اللعينُ لهُ عُمرُ
فلما التقى الجمعانِ في أرضِ كربلا تبـاعدَ فعلُ الخيرِ واقتربَ الشرُّ
فحاطوا به في عشرِ شهرِ محرَّمٍ وبيضُ المواضي في الأكفِّ لها شمرُ
فقامَ الفتى لمّا تشاجرتِ القنا وصالَ وقد أودى بمهجِتهِ الحرُّ
وجالَ بطرفٍ في المجالِ كأنّه دجى الليلِ في لألاءِ غُرَّتِهِ الفجرُ
لهُ أربعٌ للريحِ فيهنَّ أربعٌ لقد زانَه كرٌّ ما شأنَه الفرُّ